- قال الشّيخُ أحمدُ زرَّوق رحمه الله تعالى : أصولُ طريقتنا الشاذليَّة خمسةُ أشياء :
1 - تقوى الله تعالى في السِّرِّ والعلانيّة .
2 - إتباع السُّنَّة في الأفعال واللأقوال .
3- الإعراضُ عن الخلق في الإدبار والإقبال .
4 - الرِّضا عن الله تعالى في القليل والكثير .
5 - الرُّجوعُ إلى الله تعالى في السّرّاء والضّرّاء . الأنوار القدسية
- قال الشيخُ أبو الحسن الشاذليّ رحمه الله تعالى :قيلَ لي إن أردت إرضائي فمن إسمي ومنِّي لا من
اسمك ومنك ، قلتُ :وكيف ؟ قال : سبقت أسمائي عطائي وأسمائي من صفاتي ، وصفاتي قائمةٌ بذاتي
ولا تُمحَقُ ذاتي .
وللعبد أسماءٌ دنيّةٌ وأسماءٌ عليّةٌ فأسماؤه العليّةُ قد وصفه الله تعالى بها بقوله :
(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )
وبقوله
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ
وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ
لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) .
وأسماؤه الدَّنيّة معروفةٌ كالعاصي والمذنبِ والفاسق والظَّالم وغير ذلك . فكما تُمحَقُ أسماؤك
الدّنيّة بأسمائك العليّة فكذلك تُمحَقُ أسماؤك بأسمائه وصفاتُك بصفاته ، لأنَّ الحادثَ إذا أقترنَ
بالقديم فلا بقاءَ له
فإذا ناديته باسمه كقولك : يا غفورُ ، يا توابُ ، يا قريبُ ، يا وهّابُ ، فاستدعيت بها العطاءَ لنفسك وقد
تنزلت لنفسك من أسمائه . وكذلك إذا لا حظت أسماءَك الدَّنيّة من المعاصي و الظلم والفسق
فاشتغلت بسَترها ومغفرتها فأنت باق ٍ مع نفسك .
وإذا ناديته باسمه العليِّ ولا حظتَ صفاتِه العليّة قائمةٌ بذاته ، مُحِقتْ أسماؤك كلُّها وانعدم وجودك
فصرتَ محواً لا وجود لك البتَّة . فذاك محلُّ الفناء والبقاء بعد الفناء . (( ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء
وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم ) .
- يرى الإمامُ الرازيَّ رحمه اللهُ تعالى أنَّه لا بدَّ كي تكونَ الرِّياضةُ نافعةً : أن تكون نفسُ المريد
مستعدةً لهذا الحديث وملائمةً له إذ لو لم يكن كذلك ما نجحت فيه الرياضةُ أصلاً ، لأنَّ تأثيرَ
الرِّياضة ليس إلا في إزالةِ العوائق ورفع الحُجُبِ والأستار . وزوالُ العوائق لايكفي في حصول
المطلوب ، بل لا بدَّ معه من القابل المستعدِّ . فإذا لم تكن النَّفسُ مستعدةً لم تفدِ الرياضةُ سعادةً
أصلا لكنَّها تفيد السلامة .شرح الإشارات -ص113- المدرسة الشاذلية الحديثة - /338 - .
-من القوم من يقف عند الأفعال ، فيفنى في أفعاله سبحانه وتعالى .
يدلُّ عليه قوله تعالى (( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )) .
ومنهم من يقف عند الصِّفات ، يدلُّ عليه قوله تعالى ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ ).
ومنهم من يصل إلى مقام الإحسان فيتصل بقلبه بذاته جلَّ جلالُه.
أقول وبالله التَّوفيق : الوقوفُ عند الأفعال لمن بواسطة الأفعال يصلُ إلى الصِّفات ومنها إلى الذات
هذه المقاماتُ تحصلُ لبعضهم دفعةً فيكون الجمعُ مع الفرق . هذا لمن وصل إلى الذات بنور الإيمان
الصَّادق مع الأخذ بالشَّريعة ، يعرفُ ربَّه بإذنه تعالى لا يحتاج إلى دليلٍ .
ولذا قال سيّدي أبو الحسن الشّاذليّ رضي الله عنه : نحن نعرفُ الله جل ّ جلاله بدون دليل .
والحاصلُ : التَّفكرُ بالأفعال والصِّفاتِ لتقويةِ الإيمان لبعضهم وللبعض الآخر الجمع مع الفرق
من كلام سيدي الشيخ أحمد حفظه الله تعالى .
- قال سيّدي ابنُ مشيش رحمه اللهُ تعالى : واصحبْ من إذا ذكِرَ ، ذكرَ اللهُ فالله يُغني به إذا شَهِدَ
، وينوبُ عنه إذا فُقِدَ ، وذكرُه نورُ القلوب ومشاهدتُه مفاتيحُ الغيوب .
-قال الله تعالى
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) .
إنَّما يمسُّ المتَّقينَ طيْفُ الشَّيطان في ساعةِ غفلتهم عن ذكر الله تعالى ولو أنَّهم استداموا
ذكرَ الله سبحانه وتعالى بقلبهم لمَا مسَّهم طائفُ الشيطان ، فإنّ الشّيطانَ لا يقرَبُ قلباً في حال شهود
الله سبحانه وتعالى ، لأنَّه ينخنسُ عند ذلك ، ولكنْ لكلِّ صارمٍ نوبةٌ ولكلِّ عالمٍ هفوةٌ ولكلِّ عابدٍ
شِرَّةٌ ، ولكلِّ قاصد فترةٌ ولكلِّ سائرٍ وقفةٌ ولكلِّ عارفٍ حَجْبَةٌ .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إنَّه لُيغانُ على قلبي ...الخ ) أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم رحمهما الله تعالى .
أخبرَ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلّم أنَّه يعتريه ما يعتري غيرَه . فأخبرَ أنَّ خيارَ الأمّة وإنْ جلَّت
رتبتُهم لا يتخلَّصون عن حدّةٍ تعتريهم في بعض أحوالهم فتخرجَهم عن دوام الحلم . /لطائف الإشارات /
إعلم أنّه تعالى بيـَّن في الآيه الأولى : أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم قد ينزغه الشيطانُ وبيـَّن
أنّ علاجَ هذه الحالة الإستعاذةُ بالله تعالى .
كما هو مبيَّـنٌ في هذه الآيه :أن حالَ المتّقين يزيدُ على حال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في هذا
الباب ، لأنّ الرّسولَ صلّى الله عليه وسلّم لا يحصل له من الشّيطان إلا النزغُ الذي هو كالابتداء
في الوسوسة . وجوَّز في المتَّقين مايزيدُ عليه وهو أن يمسَّهم طائفٌ من الشّيطان وهذا المسُّ
يكون لا محالةَ أبلغ من النزغ . /فخر الرازي /.