علامات المحبة

علامات المحبة
قال السيد النبهان رضي الله عنه:
الصادق لا أحد عنده في الوجود إلاّ المتبوع صلى الله عليه وسلم ، لابدّ من الامتحانات لأن المدّعين كثيرون، وكل مدّعٍ مفضوح، والابتلاء روح الدين، لا يُعطى إلاّ لأحباب الله، ولا يوجد أكبر من نعمة الابتلاء، العلم لا يطهرّ، والعمل لا يطهرّ؛ لأنّه لا يصيب النفس، الّذي يصيب النفس هو الابتلاءات، يتكلّمون عليه بالغيبة وبالإفك وبالبهتان..
*التابع الصادق أمامه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتلي بالابتلاءات العظيمة وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وصار به ما صار صلى الله عليه وسلم وإذا قال أحد إنه محب ومتبع للرسول صلى الله عليه وسلم لكن ما جاءه شيء من الفهم والذوق هذا لا نظنّه تابعاً، لا تؤاخذنا كذاب قطعاً!
*غير الصادق عنده تخيّلات وعقليات، ليس له ارتباط معنا أبداً، لأنّه يعمل لنفسه حسب هواه والّذي يريده هو، خصوصاً إذا كان عقله صغيراً، أما التابع الصادق فيحاسب نفسه بالقول والفعل دائماً، ولا يكذب ولا يعمل مخالفة، وإنما يعمل بما عمل متبوعه وهو سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم وإذا ادّعى الإنسان أنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرط أساسي أن يتّبعه، وكلمة الاتباع ليست لفظة باللسان، لابدّ أن يسري من المتبوع إلى التابع سرّ الشيخ، يسري إليك كلّه عن طريق المحبة والاتباع، يصير في قلبك بدون شعور منك، والسير في الطريق بالنفَس، الّذي سرى من الشيخ إلى المريد، هو الّذي ينفعه يلطّف ويؤدّب ويقرّب، والمربي الحقيقي هو المحبوب، مربي المحب في حركاته وسكناته، وأعلى ما يربيه بإعراضه!
يحرق كل شيء حتى يرجع إلى التركيب الأصلي، نحن رأينا سيّدنا الصديق والصحابة منهم سيّدنا ثوبان، كانوا يتّبعون الرسول صلى الله عليه وسلم وصار عندهم شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الّذي نريده، لابدّ أن نمشي كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا نسير، ترك الصحابة أهلهم وأولادهم وأموالهم واتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الجوع وعلى ضرب السيف يبقون اليوم واليومين والثلاثة بدون طعام! ما لحقوه شحاذين، تركوا الأهل والأكل واللبس، كان أحدهم لا يفكر ولا ينظر إلاّ بتنفيذ أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنجحوا!
ونحن إذا لم نمشِ هذا الممشى فلا فائدة! أصحاب رسول الله ما عندهم نفاق يحبّون ويحترمون بعضهم بعضاً، وإذا بعدوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أحدهم للآخر تعالوا نؤمن ساعة (1) يظنّون حالهم إذا بعدوا عنه صلى الله عليه وسلم كأنّهم كفروا!
وهذا حق.. وحينما توفي رسول الله يقول صغار الصحابة رضي الله عنه : قبل أن ننفض أيدينا من التراب فقدنا قلوبنا. وصدقوا والله، لأن الشمس كانت طالعة والوحي ينـزل عليهم وفقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هنا سيّدنا عمر سحب السيف وقال: الّذي يقول محمّد مات أقطع رأسه.!
*والاتباع أنواع:
العالي صعب نتكلّم عن الشيء العادي ، اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الأركان والفروض والسنن وما شابه ذلك، وعلى الخصوص إذا كانت سنةٌ ميّتة أحياها، هذا دليل أنه محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أساس الأساس نسير السير الّذي سار عليه سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم والقانون أمامنا هو القرآن { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَناْ وَمَنِ اتَّبَعَنِ } [يوسف 108 ]
النصر لسيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم كان من عند الله لما أمره الله ائتمر ونهاه الله فانتهى، وكذلك الصحابة رضي الله عنه أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فائتمروا وما سألوا..لابدّ أن ننظر إلى سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله، والحق يقول عنه { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى.إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى } [النجم3،4] { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر7]
فلا يوجد أتمّ وأكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشجاعة هو الأول، بل الشجاعة عنه تــؤخذ، والكرم والنـزاهة وهكذا..وكان يقول: أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف(2)

الرسول صلى الله عليه وسلم إذا عرفنا أن الّذي اصطفاه هو الله، والّذي اجتباه هو الله، والّذي اختاره هو الله يسهل الأمر علينا جداً، الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات الموت الّذي نعرفه، وإنما انتقل انتقالاً، أهل الله الكمّل موتهم عبارة عن انتقال من عالم ضيْق إلى عالم واسع لطيف نور ورحمة، وسيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم هو سيّدهم لا شكّ ولا ريب.
نحن بحاجة إلى مرجع نأخذ عن حاله لا عن قاله، وسيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم يمدنا على الدوام، والمدد دائماً لا ينقطع لا صيفاً ولا شتاءً، لا ليلاً ولا نهاراً، ولا ساعة من الساعات، أهل اللطافة يدركون ذلك، والوارث يرث كل ما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرة وكبيرة إلاّ رسالة التشريع لا حظ له فيها {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } [المائدة 3]
كل شيء حركاته وسكناته وكلامه ومراداته..كلّها عند الوارث لا يذهب منها كثير أوقليل، نعني بالوارث الكامل مراد الحضرة الإلهية، الوارث المحمّدي الّذي عنده كل شيء، لكنه عبد لا تظنّوه إلهاً! لا والله { سُبْحَاْنَ الَّذِيْ أسْرَىْ بِعَبْدِهِ } [الإسراء 1 ] ما مع الله أحد، انفرد وحده بالوجود؛ لذلك فالعبادة لا تليق لاثنين لا تليق إلاّ لواحد، قل للوراث اكذب وخذ الدنيا!
لا يقدر، قل له : اعمل خيانة! لا يقدر، اعمل أقل من القليل ما عنده استعداد؛ لأن نفسه كملت، لا يمكن أن يتكلّم إلاّ بالميراث المحمّدي، ولا شيء عنده سدى أوعبثاً، والوارث المحمّدي هو الشيخ الحق، هو الشجاع، هو الكريم، هو النـزيه..هو يزين الإيمان، والعلم عنه يخرج، والإيمان عنه يخرج، والإحسان عنه يخرج، عن الشخصية الكاملة التي فيها الإمارة وفيها السيادة، لما نأتي إليه يغذي شخصيتنا .

وتابع المرجع الصادق لا أحد يقدر أن يحكم عليه لا في السماء ولا في الأرض، كلّهم يهابون الحضرة الإلهية منه، ولا يوجد شيء اسمه شيء صعب في الوجود!
الرسول صلى الله عليه وسلم أموره كلّها على بيان، ليس شخصاً عادياً أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر (3) وكان { خاتم النبيّين } [الأحزاب 40 ] وهذه الجمعية التي وجدت في الرسول صلى الله عليه وسلم ما وجدت في غيره أبداً، والحق من هنا لما يقسم يميناً { فَوَرَبِّكَ ( رب محمّد ) لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ.عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الحجر 92،93] سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم مرتبته كل المراتب عنه تـؤخذ، والحق عزّ وجلّ يقول {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } [طه 114 ] واللهُ { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فيْ شَأْنٍ} [الرحمن 29] لا وقوف يعني كل نفَس، هذه يعرفها أهل الله، أهل الصفاء، الّذين يأكلون الحلال ولا يأكلون حراماً، لا يغتابون ولا ينمّون، مخيلتهم طاهرة نـزيهة، دائماً بالرقي، والإنسان يشهد الحضرة الإلهية بنور البصيرة بنور القلب، هذا لا تقدر أن تمسكه، هذا معنىً من معاني الله، يدرك الغيب، يدرك الحضرة الإلهية، يدرك الرسول صلى الله عليه وسلم يرى الجن في المجلس، ويرى الملائكة، أهل نور البصيرة يدخلون بالعبدية ولهم علامتان قويتان:
السعة والرحمة {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } [الكهف 65 ] هذا للتابع المحمّدي كائناً من يكون بعيداً أو قريباً، وصاحب الاتباع الحقيقي من حين ما خُلق شخصيته كبيرة تحبّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتحبّ الشخصيات الكاملة في الوجود وتحبّ كل شيء اسمه كامل وتقدّره شخصيته الكاملة، هذا مظهر وهذا ذاتي وهذا هو الرئيس والمرجع، لا يكون مرجعا حقيقيا إلاّ أن يكون عبدياً ذاتياً صاحب هيمنة في الوجود يحفظ المجلس، الرسول صلى الله عليه وسلم حينما يجلس فمن سيّدنا الصديق فما دون كأن على رؤوسهم الطير خوفاً وحرمةً وتعظيماً وأدباً لما يشهدون من الرسول صلى الله عليه وسلم عرفوه بذاتهم رضي الله عنهم هؤلاء ليسوا بحاجة إلى مجاهدات، لهم علامات :
حينما يذكرون الله لا ينقطع عنهم المذكور بتاتاً، يشهدون المذكور قبل الذكر، هؤلاء عبديون ذاتيون هم مرجع الناس هم الأقوياء هم الّذين يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم وكل ذاتي مجانس لرسول الله صلى الله عليه وسلم والحق عزّ وجلّ رسم لسيّدنا محمّد خريطة قال له اظهر فيها للمخلوقات..
وكان وحده مؤمناً ما معه ثانٍ، بعدها صار سيّدنا أبو بكر وسيّدنا علي وصاروا عشرة..خمسة عشر..عشرين..أربعين..
بقوا مدّة طويلة، إلى أن فتحوا البلاد ودوّخوا العباد وسادوا الناس بحق، وكل هذا والرسول صلى الله عليه وسلم لا يتكلف، ينـزل إلى الحرب بأمر الله، ولا يبالي ينتصر أو لا ينتصر، عليه أن يأخذ بالسبب { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ } [آل عمران 126 ] النصر لا يكون من عند البشر، نعم علينا { إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمّد 7 ] أمرنا فلابدّ أن نأتمر ونهانا لابدّ أن ننتهي، يعني نوافق الحضرة الإلهية، ونحن كلنا عبيد صغيراً وكبيراً { هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [لقمان 11] فسعداء وأشقياء ليس من عند الله، أمرنا ونهانا بأمر واحد ونهي واحد، أمر سيّدنا محمّداً صلى الله عليه وسلم وأمر إبليس، سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم ائتمر وإبليس لم يأتمر أبى ولم يرضَ!
ونحن كذلك نسير على قدم سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم لما أمره الله ائتمر وكذلك نحن نأتمر، لا تظنّوا النصر بكثرة العَدد والعُدد هذا غلط، إذا قلنا النصر بالعَدد والعُدد فهذه غزوة حنين، المؤمنون فيها اثنا عشر ألفاً والكفّار أربعة آلاف وكانت الغلبة للكفار؛ لأن المؤمنين أعجبتهم الكثرة، قاسوا على غزوة بدر كانوا فيها ثلاثمائة وثلاثة عشر شخصاً، والكفّار ألف شخص مدججين بالسلاح {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ } [آل عمران 126 ] الصحابة صدقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل في ذلك تركوا أهلهم وأموالهم وراحتهم وكل شيء غالٍ، ولحقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجوع وضرب السيف.
الإنسان أولى وأحق أن يشتاق إلى رسول الله من حنين الجذع إليه، يشتاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلامته:
هو الإقبال إليه، إذا أقبل الإنسان إلى الله أو إلى رسول الله أو إلى أهل الله هذا الإقبال يعرّفكم بالله إن من أيام دهركم نفحات ألاَ فتعرّضوا لها (4) التعرُّض عند أهله، عند أوليائه، عند أصحابه، كلنا نتوصل برسول الله إلى الله، وبمشايخنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المراد .
هذه من الأشرطة المفرغة التي كتبت في كتاب السيد النبهان تأليف الشيخ هشام الألوسي
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

(1) : مصنف ابن أبي شيبة برقم (30426) 6/ 170.
(2) : ورد بلفظ: أنا والأتقياء من أمتي بريئون من التكلف كشف الخفاء : 1/237. وفي البخاري نهينا عن التكلف برقم (6863) 6/2659.
(3) قال الامام العجلوني في كشف الخفاء برقم ( 827) 1/311 رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ قال قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء. قال: "يا جابر، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقُدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جِنِّيٌ ولا إنسي.." الحديث.

(4) المعجم الأوسط برقم (2856) 3/ 18

عدد المساهمات : 84 تاريخ التسجيل : 18/04/2010

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

بارك الله فيك

وسلمت
يداك

تقبل شكرى وتحياتى

» المحبة النقية بالحروف الهجائية
» الترقى فى منازل المحبة فى الله عز وجل
» قصيدة تغيرت المحبة والوفاء للامام على
» فيديو اصل المحبة مسبة واللىحب رموه
» من علامات الساعة