اجعل حياتك عباده

افتراضي اجعل/ي حياتك عبادة


بسم الله الرحمن الرحيم


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) سبأ



فان الله تعالى ما خلقنا الا لعبادته و العبادة تتضمن الحب مع غاية الذل و الخضوع و هذا النوع من العبادة-أي العبادة القلبية-هو أساس العبادات سائر العبادات


و لهذا كانت كلمة التوحيد كما يقول العلامة ابن القيم هي أشرف و أصدق الكلمات فهي تتضمن أصفى و أنقى المعاني


و السبيل الذي شرعه الله لنا لكي ننمي حبنا له هو العلم الشرعي بل-كما يقول الشيخ محمد حسان-ما خلق الله الخلق الا لنعرفه-بالعلم-و نعرف صفاته و نحبه سبحانه و تعالى تأمل معي هذه الاّية:


اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ


لماذا؟!!!


لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) الطلاق


يا الله ..... ما أشرف العلم و ما أسعد العلماء بهذه الاّية


اللهم لا تحرمنا من فضلك


فكلما ازداد الانسان علما ازداد حبه لربه فهو لا يرى الا ربه


اذا رأى خيرا قد حل بقوم فيعلم أن هذا فضل الله و حده


و اذا رأى مكروها يحل بقوم فانه يدرك مدى قدرة الله و حكمته و مضي قضائه


فهو يتقلب في حياته من موضع الى اّخر ولكنه لا يفارق أبدا عبادته لربه بالتامل و التفكر و الذكر و ......


فتراه و هو يأكل يشاهد فضل الله عليه و انعامه عليه بلا حول منه و لا قوة و يقول:"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلَا قُوَّةٍ"


واذا خرج الى العمل تراه و جلا خائفا يقول:


"اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ"


و اذا رأى اصحابه يتحاورون نظر اليهم و تأمل قدرة الله تعالى في اختلاف أشكالهم و ألوانهم و ألسنتهم و شاهد نفاذ قدرته سبحانه و قهره لعباده فلا أحد يسأله سبحانه لم خلقنني هكذا و لم تخلقني هكذا و لكن ترى الجميع-شاء أم أبى- خاضعا لحكمه راضيا بخلقته فسبحان الله و بحمده


و اذا رأى الدواب التي –للأسف- يعذبها أصحابها و هي-مع ذلك- خاضعة ذليلة لا تشكو تذكر قوله تعالى: وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ


و تراه اذا نظر الى السماء تذكر علو الله تعالى على كل شئ و أنه القاهر فوق عباده


واذا ركب سيارته علم أن الله تعالى هو الذي سخر له ذلك و أن ما من دابة الا و هو سبحانه اّخذ بناصيتها


و تراه اذا فترت نفسه عن العبادة أصبح خائفا حزينا أن يكون ربه و ولي نعمته قد كره منه شيئا فيبادر بالتوبة و الأوبة و الرجوع الى ربه و التذلل له و الاستعانة به و الاعتصام به و اللجوء اليه


و هكذا اخواني يمكن أن يجعل الانسان حياته كلها عبادة و طاعة لله بحب و خضوع


فلا تضيعوا اخواني هذه العبادات العظيمة القدر التي تهذب النفوس و تقربها الى خالقها


تأمل كيف وصف الله تعالى لنا نساء الجنة بأنهن "قاصرات الطرف"


ما أجمل هذه الصفة العظيمة


فالمحب الحقيقي هو الذي يقصر طرفه على محبوبه فلا يرى غيره و لا يفكر حتى و لو للحظة أن يطمح الى غيره


فاقصر طرفك أيها المؤمن على ربك فلا تحب غيره و لا تخشى غيره و لا تطيع غيره و لا تدعو غيره و....


و ارض به و ارض عنه و لاتطمح الا الى رضاه عنك


فاعبد ربك كما أمرك و اصبر على العبادة و جاهد نفسك حتى يهديك ربك سبله كما قال:" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"


و لكن لا تتعجل و اصبر


يقول العلامة ابن القيم: قال بعض السلف:إنى أدخل الصلاة فأحمل هم خروجى منها ويضيق صدرى إذا عرفت أنى خارج منها، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم "جعلت قرة عينى فى الصلاة"، ومن كانت قرة عينه فى شيء فإنه يود أن لا يفارقه ولا يخرج منه فإن قرة عين العبد نعيمه وطيب حياته به(طريق الهجرتين لابن القيم)


ماشاء الله


أين نحن من هؤلاء!!!!


الله المستعان


سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا اله الا أنت أستغفرك و أتوب اليك


أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه


و الحمد لله رب العالمين