الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعينأما
بعد.... فإن الله جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه ، وتبارك اسمه ، وتعالى جده،
ولا إله غيره ، جعل الإسلام عصمة لمن لجأ إليه ، وجنًة لمن استمسك به ،
وعض بالنواجذ عليه ، وأبى أن يقبل من أحد دينا سواه ، ولو بذل في المسير
إليه جهده ، واستفرغ فواه ،فأظهره على الدين كله حتى طبق مشارق الأرض
ومغاربها ، وسار مسير الشمس في الأقطار ، وبلغ إلى حيث انتهى الليل
والنهار .وكبت
الله من يبغضه ويعاديه ، ووسمهم بأنهم شر الدواب ، وحكم لهم بأنهم أضل
سبيلا من الأنعام ، إذ استبدلوا الشرك بالتوحيد ، والضلال بالهدى ، والكفر
بالإسلام ، وحكم عليهم بقوله تعالى{
قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت
أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا
واتخذوا آياتي ورسلي هزوا }شجرة الزيتون التي وصفتها في كتاب اللهيقول الحق سبحانه وتعالي(وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين)
(المؤمنون:20)
من أقوال المفسرين:- ذكر الإمام الطبري( رحمه الله)
ما مختصره ( وشجرة تخرج من طور سيناء) وشجرة هنا منصوبة عطفا علي
( جنات)
يعني بها شجرة الزيتون( من طور سيناء) جبل.... مبارك نودي منه موسي
ـ عليه السلام ـ واختلف فيه( تنبت) تثمر( بالدهن) و(صبغ
للآكلين) ما يا تدمون به. وذكر ابن كثير( رحمه الله)
ما
مختصره[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وشجرة تخرج من طور سيناء) يعني الزيتونة, والطور هو
الجبل, وقال بعضهم إنما يسمي طورا إذا كان فيه شجر, فإن عري عنها سمي
جبلا لا طورا والله أعلم (ماهو طور سيناء)
هو طور سينين, وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسي بن عمران عليه السلام وما حوله من الجبال التي فيها شجر الزيتون, وقوله( تنبت بالدهن) أي تنبت الدهن..., ولهذا قال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وصبغ) أي أدم ،،،؟قاله قتادة ـ ( للآكلين) أي فيها ما ينتفع به من الدهن والاصطباغ, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم(
كلوا الزيت وادهنوا به, فإنه يخرج من شجرة مباركة) وروي عبد بن حميد
في مسنده عن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ائتدموا بالزيت
وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة).
وجاء في تفسير الجلالين( رحم الله كاتبيه)
ما مختصره:
( و) أنشأنا( شجرة تخرج من طور سيناء) جبل, بكسر السين وفتحها,
ومنع الصرف للعلمية والتأنيث للبقعة أي: لأنه اسم علم علي البقعة التي
فيها جبل الطور( تنبت) بضم التاء وكسر الباء من الرباعي أنبت, وفي
قراءة بفتح التاء وضم الباء من الثلاثي نبت( بالدهن) الباء زائدة علي
الأول, ومعدية علي الثاني, وهي شجرة الزيتون,( وصبغ للآكلين) عطف
علي الدهن أي: أدام يصبغ اللقمة بغمسها فيه وهو: الزيت.
وجاء في الظلال( رحم الله كاتبها برحمته الواسعة)
ما نصه[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين).. وهي من أكثر الشجر
فائدة بزيتها وطعامها وخشبها. وأقرب منابتها من بلاد العرب طور سيناء.
عند الوادي المقدس المذكور في القرآن. لهذا ذكر هذا المنبت علي وجه
خاص, وهي تنبت هناك من الماء الذي أسكن في الأرض وعليه تعيش.
وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن( رحم الله صاحبها)
ما نصه[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وشجرة تخرج من طور سيناء) أي وأنشأنا لكم شجرة تخرج من الجبل المعروف
بهذا الاسم وهو جبل المناجاة( تنبت بالدهن) تنبت ملتبسة بالدهن
ومصحوبة به.... والدهن عصارة كل شيء ذي دسم, والمراد به هنا: زيت
الزيتون, وقريء تنبت بضم التاء, من أنبت بمعني نبت, أو من أنبت
المتعدي بالهمزة, كأنبت الله الزرع, والتقدير: نبت جناها مصحوبا
بالدهن( وصبغ للآكلين) أي وبإدام للآكلين, والصبغ والصباغ ـ بالكسر
فيهما ـ: الإدام لأنه يصبغ الخبز, وأصل الصبغ ما يلون به الثوب,
فكان الزيت أداما يؤتدم به كما كان دهنا يدهن به ويسرج منه. والتغاير
بين المعطوف والمعطوف عليه باعتبار الصفات لا باعتبار الذات.
وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم( جزاهم الله خيرا)
ما نصه: وخلقنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت في منطقة طور سيناء, وفي ثمارها زيت تنتفعون به, وهو أدام للآكلين.وجاء
في تعليق الخبراء بالهامش ما يلي:... تقرر هذه الآية الكريمة أن شجرة
الزيتون من ضمن النعم التي أنعم الله بها علي الإنسان وعدد بعضها في
الآيات السابقة واللاحقة لهذه الآية إذ أنها من الأشجار الخشبية التي تعمر
طويلا لمدد تزيد علي مئات السنين, فلا يأخذ أمرها جهدا من الإنسان إنما
تثمر ثمارا مستمرة طبيعية.. كما تتميز بأنها دائمة الخضرة جميلة
المنظر. وتفيد الأبحاث العلمية أن الزيتون يعتبر مادة غذائية جيدة,
فيه نسبة كبيرة من البروتين.
ما تتميز به ثمرة الزيتون1ـ وجود الأملاح الكلسية, والحديدية, والفسفورية, وهي مواد مهمة وأساسية في غذاء الإنسان,
2ـ
علاوة علي ذلك فإن الزيتون يحتوي علي فيتامين( ا) وفيتامين( ب).
3ـ يستخرج من الثمار زيت الزيتون الذي يحتوي علي نسبة عالية من الدهون
السائلة, وهذا الزيت يستعمل بكثرة في التغذية.الأبحاث الطبية*** الأبحاث
الطبية إلي زيت الزيوت فوائد عديدة, فهو يفيد الجهاز الهضمي عامة..
والكبد خاصة, وهو يفضل جميع أنواع الدهون الأخرى نباتية أو حيوانية,
*** إذ لا يسبب أمراضا للدورة الدموية أو الشرايين كغيره من الدهن, *** كما أنه ملطف للجلد, إذ يجعله ناعما ومرنا,*** ولزيت الزيتون استعمالات أخري كثيرة صناعية,*** إذ تحضر منه بعض المركبات, ويدخل في إنتاج أفضل وأحسن أنواع الصابون, وغير ذلك من مختلف الصناعات الغذائية والطبية.
وذكر صاحب صفوة التفاسير( جزاه الله خيرا)
***
ما نصه[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وشجرة تخرج من طور سيناء) أي ومما أنشأنا لكم بالماء أيضا
شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل الطور وهو الجبل الذي كلم الله عليه
موسي( تنبت بالدهن) أي تنبت الدهن أي الزيت الذي فيه منافع عظيمة(
وصبغ للآكلين) أي وإدام للآكلين, وسمي صبغا لأنه يلون الخبز إذا غمس
فيه,*** فقد جمع الله في هذه الشجرة بين الأد م والدهن....
من الدلالات العلمية للآية المباركة
1ـ نظرا لتميزها الواضح فإن شجرة الزيتون أصبحت تصنف اليوم ضمن رتبة خاصة بها من رتب النباتات المزهرة تعرف باسم رتبة الزيتونيات
ORDEROLEALES)
2ـ بعد أن كانت تجمع من قبل في رتبة أخري تعرف باسم رتبة الملتفات
(OrderContortae)
3ـ وتضم هذه الرتبة عائلة واحدة هي العائلة الزيتونية
FamilyOleaceae
4ـ التي تقسم إلي اثنتين مما هو تحت هذه العائلة هما: تحت العائلة الزيتونية
SubfamilyOleoideae)
5ـ وتحت العائلة الياسمينية
Subfamilyjasminoideae.
تضم أشجار العائلة الزيتونية28 جنسا, وما بين500 إلي600 نوع
1ـ
من أنواع النباتات المزهرة التي تنتشر انتشارا واسعا في كل أنحاء الأرض ما
عدا المناطق المتجمدة والباردة, إذ تنتشر في كل من المناطق المعتدلة
والمدارية بصفة خاصة, وتكثر ـ بالذات ـ في حوض البحر الأبيض المتوسط,
وفي جنوب غربي آسيا, وعلي الرغم من هذا الانتشار الواسع إلا أن أشجار
هذه العائلة نادرا ما تكون هي الأشجار السائدة في المنطقة الواحدة,2ـ ومن هذه الأشجار ما هو دائم الخضرة كشجرة الزيتون, ومنها ما هو متساقط الأوراق.3ـ وتضم العائلة الزيتونية أشجارا خشبية, كما تضم عددا من الشجيرات, وبعض المتسلقات,
4ـ
ولكن تتميز كلها بأوراقها الريشية المتقابلة أو المتبادلة, البسيطة أو
المركبة, والتي يمكن أن تكون لها أذينات صغيرة عند قاعدة الورقة,5ـ والثمرة في
أفراد العائلة الزيتونية إما أن تكون حسلية كما هو الحال في ثمرة
الزيتون( وهي ثمرة عصارية, حقيقية, تكونت من نمو مبيض الزهرة فقط,
ولها بذرة صلبة في قلبها), وقد تكون الثمرة لبيه أو علبيه كما هو الحال
في بعض شجيرات الزينة والأسوار التابعة لهذه العائلة, والبذور فيها
إندوسبيرمية أي مغطاة بطبقة من الأنسجة التي تمثل غذاء للجنين الذي يأخذ
شكلا مستقيما في العادة.
6ـ لأن زراعته انتقلت أصلا من شبه جزيرة سيناء إلي باقي أجزاء حوض البحر الأبيض المتوسط.
7ـ وأحد هذين
الصنفين يعرف باسم الزيتون التفاحي, ويتميز بثمرته الكبيرة الحجم
نسبيا, والقليلة الزيت نسبيا, ولذلك يصلح أكثر للتخليل, وتكثر زراعة
هذا الصنف في واحات صحراء مصر الغربية وفي منطقة الفيوم.
8ـ أما الصنف
الآخر فيعرف باسم الزيتون الشمالي ويمتاز بثماره الصغيرة الحجم نسبيا
والغنية بالزيت ولذلك يصلح للعصر واستخراج ما به من زيت, وتكثر زراعته
في شبه جزيرة سيناء وعلي طول سواحل البحر الأبيض المتوسط.
والآية القرآنية الكريمة التي اتخذ ناها عنوانا لهذا المقال
*** تشير بوضوح
إلي شجرة الزيتون التي تؤكل ثمارها, ويؤتدم بزيتها وبما فيه من منافع,
وقد جاءت الإشارة إليها منسوبة إلي طور سيناء مما يرجح أن هذه المنطقة هي
أصل منبت شجرة الزيتون, كما ترجح وجود ميزات للصنف من الزيتون الذي ينبت
في تلك المنطقة تميزه عن غيره, وفي ذلك يقول ربنا( تبارك وتعالي):وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين
(المؤمنون:20)
*** و(تنبت
بالدهن) أي تنبت ثمارها متلبسة بالدهن وهو زيت الزيتون,( وصبغ
للآكلين) أي: إدام وطعام لهم, سمي صبغا لكونه إداما, ولأنه يصبغ
الخبز إذا لامسه, ولعل في ذلك إشارة إلي ما هو غير الدهن من مئات
المركبات الكيمائية المهمة التي مكن الله( تعالي) شجرة الزيتون من
استخلاصها من ماء وتربة الأرض, ونقلها في العصارة الغذائية, وتخليقها
في أوراقها وثمارها, مما تعجز أكبر المصانع التي بناها الإنسان عن
تحقيقه. لذلك امتدح ربنا( تبارك وتعالي) كلا من شجر الزيتون وزيته
في ستة مواضع أخري من القرآن الكريم, وأقسم بالتين والزيتون في موضع
منها.
*** وشجرة
الزيتون هي شجرة صغيرة, ولكنها شجرة معمرة, دائمة الخضرة, تتحمل
الجفاف بشكل كبير, وثمرتها من أهم ثمار الزيوت النباتية, إذ يشكل
زيتها ما بين60%,70% من وزن الثمرة في المتوسط, ويتكون زيت الزيتون من
عدد من المركبات الكيميائية المهمة, والتي منها مركبات الجليسرين
والأحماض الدهنية المعروفة باسم الجليسريدات(Glycerides).
ويكون الحمض الدهني نسبة كبيرة من وزن الزيت, ولذلك فإن صفات كل زيت
تتوقف إلي حد كبير علي نوع الحمض الدهني المكون لمركب الجليسريدات فيه.
ومن أشهر الأحماض الدهنية في الزيتون والدهون بصفة عامة ما يلي:
(1) حمض زيت الزيتون(OleicAcid).
(2) حمض زيت النخيل(PalmaticAcid)
(3) حمض زيت الكتان(LinoleicAcid)
(4) حمض الشمع(StearicAcid).
(5) الحمض الغامض( حمض المستريك)(MystricAcid).
هذا ومن المعروف أن مركبات الجليسيريدات
(Glycerides)
***
قد تكون مفردة الحامض أو مكونة من أخلاط من تلك الأحماض الدهنية, فإذا
كانت ناتجة عن اتحاد الجليسرين مع حمض دهني واحد فقط سميت اسم الجليسريدات
البسيطة
SimpleGlycerides
*** ولكن إذا نتجت عن اتحاد الجليسرين مع أكثر من حمض دهني ـ وهو الأمر الغالب ـ سميت باسم الجليسريدات المختلطة
(ComplexorMixedGlycerides)
*** وعادة ما
تكون الزيوت والدهون مركبة من جليسريدات مختلطة إلا أن بعضها قد يحتوي علي
نسبة عالية من نوع معين من الجليسريدات البسيطة وذلك مثل زيت الزيتون الذي
يحتوي علي نسبة عالية من جليسريدات حمض زيت الزيتون
(OLEAICACID)
*** تتراوح بين67%,84% مما ميزه عن غيره من الزيوت النباتية والدهون الحيوانية.
***
وبالإضافة إلي ذلك يحتوي زيت الزيتون علي البروتينات وعلي نسب متفاوتة من
عناصر البوتاسيوم, الكالسيوم, المغنسيوم, والفسفور والحديد,
النحاس, الكبريت وغيرها بالإضافة إلي نسبة من الألياف, وتدخل هذه
المكونات في بناء حوالي الألف مركب كيميائي حيوي في زيت الزيتون, كلها
نافعة لجسم الإنسان وبعضها ضروري لسلامته, ومن هنا كان فضل هذا الزيت
علي غيره من الدهون والزيوت التي تمثل مركبات عضوية لها تركيب كيميائي
متشابه فإذا بقيت سائلة عند درجة حرارة(20) درجة مئوية سميت زيتا,
وإذا بقيت جامدة عند نفس الدرجة سميت دهنا, ومنها الدهون المتعادلة,
والشموع, والدهون المعقدة( الليبيدات المختلطة).
*** وأهم مصادر
الزيوت النباتية هي بعض البذور الزيتية مثل بذور كل من القطن,
والكتان, والسمسم,ودوار الشمس, والخروع, والفول السوداني, وفول
الصويا.
***
لذلك يمكن الحصول علي الزيوت النباتية من بعض الثمار الزيتية من مثل ثمار
الزيتون, وجوز الهند, والنخيل الزيتي, أو من بعض أجنة الحبوب من مثل
القمح, والذرة, والأرز.
***
وتستخلص الزيوت النباتية بطريقة الهرس ثم الكبس أو العصر في مكابس خاصة,
وتعرف المادة الصلبة المتبقية من هذه العملية باسم الكسب الذي يستخدم علفا
للحيوان لغنائه بالبروتين, وقد يستخدم ما يتخلف عن عصر بذور السمسم غذاء
للإنسان.
وأفضل الزيوت
النباتية علي الإطلاق هو زيت الزيتون, وذلك لما أعطاه الله( تعالي)
من خاصية خفض ضغط الدم, وتقليل امتصاص الجسم للكولسترول بصفة عامة
وإنقاص المعدل الكلي للكولسترول في الدم بحوالي13%, وإنقاص معدل
الكولسترول الضار في الدم والمعروف باسم الكولسترول الخفيف.
[LOWDENSITYLEPIDOPROTEIN(L.D.L)
بنسبة21% فيرفع بذلك نسبة الكولسترول المفيد نسبيا في الدم, والمعروف باسم الكولسترول الثقيل
[HighDenitylepidoprotein(H.D.L)]
***
ومن الثابت طبيا أنه كلما انخفضت نسبة الكولسترول الضار وزادت نسبة المفيد
منه في الدم كلما قلت نسبة الإصابة بالجلطات القلبية خاصة الإصابة
المعروفة باسم احتشاء العضلة القلبية, وعلي ذلك فإن تناول زيت الزيتون
بكميات منتظمة يحمي القلب من أمراض انسداد الشرايين وهي من أكثر الأمراض
انتشارا في الزمن الحاضر, خاصة في الدول الغنية التي يبالغ أفرادها في
تناول الطعام إلي حد التخمة. وعلي الرغم من ذلك فقد لوحظ أن أقل نسبة
إصابة بمرض الشرايين التاجية( الإكليلية) القلبية يوجد في حوض البحر
الأبيض المتوسط خاصة في بلدانه التي يتناول أفرادها الزيتون وزيته بكميات
ثابتة ومنتظمة, ويعتبرون كلا من هذه الثمرة المباركة وزيتها مصدرا
أساسيا للدسم في طعامهم مما يشير إلي الدور الفاعل لهما في الوقاية من
أمراض شرايين القلب, خاصة أنه ثبت بالتحليل الدقيق احتواء كل من الثمرة
وزيتها علي مركبات كيميائية تمنع تخثر الدم. وانطلاقا من ذلك يوصي
الأطباء كل من أجريت لهم عمليات توسعة شرايين القلب بتناول4 ـ5 ملاعق
من زيت الزيتون يوميا وبشكل روتيني كجزء من العلاج.
***
وقد جاء ذكر الزيتون وزيته في سبعة مواضع من القرآن الكريم, وأقسم به
ربنا( تبارك وتعالي) ـ وهو الغني عن القسم ـ وأكد علي قيمة زيته
وقيمته الغذائية مما أثبتته البحوث العلمية والطبية في العقود المتأخرة من
القرن العشرين, وتعتبر هذه الإشارات من المعجزات العلمية للقرآن الكريم
الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة,
*** ومن معجزات
الرسول الخاتم الذي تلقاه والذي يروي عنه( صلي الله عليه وسلم)
قوله: كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة( أخرجه الإمام أحمد
عن مالك بن ربيعة ألساعدي مرفوعا), وقوله( عليه أفضل الصلاة وأزكي
التسليم) في نفس المعني: ائتدموا بالزيت وادهنوا به, فإنه يخرج من
شجرة مباركة( رواه عبد بن حميد في مسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله
عنهما).
*** وهنا
يتبادر إلي الذهن سيل من الأسئلة منها: لماذا أنزل ربنا( تبارك
وتعالي) هذه الآية المباركة فيما أنزل من قرآن علي خاتم أنبيائه
ورسله, وأنطقه بما نطق به عن شجرة الزيتون, وثمرها وزيتها؟ وللإجابة
نقول: إن الله تعالي يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سوف يصل في يوم من
الأيام إلي اكتشاف قيمة الزيتون وزيته فتكون هذه الآية المباركة, كما
تكون أقوال رسول الله( صلي الله عليه وسلم) مما يشهد للقرآن الكريم
بأنه كلام الله الخالق, ويشهد للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة
وبالرسالة, فالحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي نعمة
الإسلام, والحمد لله علي بعثة خير الأنام, خاتم الأنبياء والمرسلين,
وإمام الغر المحجلين والحمد لله في الأولي والآخرة, والحمد لله في كل
وقت وفي كل حين, وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد النبي الأمين,
وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين.
الحمد لله على نعمة الإسلام