(12)- النار:
ــــــــــــــــــــــــــ
قال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَاقال الله تعالى : خَالِدُونَ }البقرة39
وقال الله تعالى:
((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً{103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً{105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً{106}))الكهف
وقال اللّه تعالى:
((إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ{39} فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ{40} عَنِ الْمُجْرِمِينَ{41} مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ{42} قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ{43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ{44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ{45} وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ{46} حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ{47}))المدثر
وقال اللّه تعالى:
{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ }الحج19
وقال اللّه تعالى:
{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ }المؤمنون104
تَحْرقُ النار وجوههم، وهم فيها عابسون تَقَلَّصَتْ شفاههم، وبرزت أسنانهم.
وقال الله تعالى :
{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ }الرعد5
و قال اللّه تعالى:
{ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ }{فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ }
غافر 71-72
و قال اللّه تعالى:
{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ }يس8
إنا جعلنا هؤلاء الكفار الذين عُرض عليهم الحق فردُّوه, وأصرُّوا على الكفر وعدم الإيمان, كمن جُعِل في أعناقهم أغلال, فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم, فاضطروا إلى رفع رؤوسهم إلى السماء, فهم مغلولون عن كل خير, لا يبصرون الحق ولا يهتدون إليه.
و قال اللّه تعالى:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ{36} وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ{37}فاطر
و قال اللّه تعالى:
((إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ{43} طَعَامُ الْأَثِيمِ{44} كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ{45} كَغَلْيِ الْحَمِيمِ{46} خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ{47} ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ{48})) الدخان
إن شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم, ثمرها طعام صاحب الآثام الكثيرة, وأكبر الآثام الشرك بالله. ثمر شجرة الزقوم كالمَعْدِن المذاب يغلي في بطون المشركين, كغلي الماء الذي بلغ الغاية في الحرارة. خذوا هذا الأثيم الفاجر فادفعوه, وسوقوه بعنف إلى وسط الجحيم يوم القيامة. ثم صبُّوا فوق رأس هذا الأثيم الماء الذي تناهت شدة حرارته, فلا يفارقه العذاب.
و قال الله تعالى:
((وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ{41} فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ{42} وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ{43} لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ{44} إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ{45} وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ{46} وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ{47} أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ{48} قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ{49} لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{50} ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ{51} لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ{52} فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ{53} فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ{54} فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ{55} هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ{56}))الواقعة.
وقال الله تعالى :
((وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ{25} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ{26} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{27} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ{30} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ{31} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ{32} إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ{33} وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{34} فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ{35} وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ{36} لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ{37})) الحاقة.
وقال الله تعالى :
((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1} وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2} عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ{3} تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً{4} تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ{5} لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ{6} لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ{7}))الغاشية.
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
لما خلق اللّه الجنة قال لجبريل :
اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد اللّه لأهلها فيها، ثم جاء فقال أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفها بالمكاره، ثم قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء، فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد.
قال فلما خلق اللّه النار، قال يا جبريل :
اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات، ثم قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها.
وفي صحيح مسلم :
قال : رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ناركم هذه التي يوقدها ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم .
قالوا : واللّه إن كانت لكافية يا رسول اللّه.
قال: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها .
وفي رواية للبيهقي :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحسبون أن نار جهنم مثل ناركم هذه هي أشد سوادا من القار هي جزء من بضعة وستين جزءا منها أو نيف وأربعين شك أبو سهيل
وذكر سفيان بن عيينة عن أبي هريرة:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ولولا أنها ضربت بالماء مرتين ما كان لأحد فيها منفعة .
وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
كنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة :
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذا؟
قال: قلنا اللّه ورسوله أعلم .
قال: هذا حجر رُميَ به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها .
وفي صحيح البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يقول اللّه:لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة، لو أن لك ما في الأرض من شيء، أكنت تفتدي به؟ فيقول نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك .
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن أهون أهل النار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم .
( رواه البخاري ومسلم )ولفظه إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا وإنه لأهونهم عذابا.
و عن سمرة بن جندب أنه سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول:
إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه .
وفي مسند البزار عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم .
و عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟ .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا بغير حق فينطوي عليهم فيقذفهم في حمراء جهنم . (رواه أحمد والبزار ) ولفظه تخرج عنق من النار تتكلم بلسان طلق ذلق لها عينان تبصر بهما ولها لسان تتكلم به فتقول إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبمن قتل نفسا بغير نفس فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام .
و عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
(وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ. يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ).
قال يقرب إلى فيه فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره. (الترمذي).
يقول اللّه تعالى:
(وَسُقُواْ مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ).
ويقول جل وعلا:
(وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان .
( رواه الترمذي والبيهقي)
وفيه عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهم فيها كالحون: قال تشويه النار فتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته .
وفي رواية للترمذي قال :
إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وإن ضرسه مثل أحد وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة . ( حديث حسن غريب صحيح )
ورواه ابن حبان في صحيحه قال :
جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار وضرسه مثل أحد . ( حسن )
ورواه الحاكم وصححه وهو رواية لأحمد بإسناد جيد قال :
ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعا وعضده مثل البيضاء وفخذه مثل ورقان ومقعده من النار ما بيني وبين الربذة .
قال أبو هريرة وكان يقال بطنه مثل بطن إضم الجبار ملك باليمن له ذراع معروف المقدار كذا قال ابن حبان وغيره وقيل ملك بالعجم .
وفي كتاب الترمذي وغيره عن أنس قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:
أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم على وجوههم كأنها جداول حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون فلو أن سفناً أجريت فيها لجرت .
وحكي عن شقيق البلخي أنه كان يوماً يعاتب نفسه ويوصيها ويقول:
يا شقيق :
لا تعص اللّه إلا على حسب ما تطيق من عذابه .
واعمل لآخرتك على قدر حوائجك إليها.
واطلب الرزق على قدر مقامك في الدنيا.
واعمل لدار لا نفاذ لها فسوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار.
وروي أن الربيع بن خثيم :
كان يذهب إلى ابن مسعود فمر بحانوت حداد فرأى الحديدة المحماة في الكير فغشي عليه، ولم يفق إلى الغد، فلما أفاق سئل عن ذلك؟ فقال: تذكرت كون أهل النار في النار.
وعن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم، فيقولون أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات، قالوا: بلى، قالوا: فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ظلال، قال: فيقولون ادعوا مالكاً فيقولون يا مالك ليقض علينا ربك، قال فيجيبهم إنكم ماكثون.
قال الأعمش:
ثبت أن بين دعائهم وإجابة مالك إياهم ألف عام، قال: فيقولون ادعوا ربكم، فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، قال فيجيبهم: (اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ) قال: فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل.
وروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطيروا كما يطير الشرر فإذا رفعهم أشرفوا على الجنة وبينهم حجاب فنادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ قالوا: نعم، فأذن مؤذن بينهم أن لعنة اللّه على الظالمين ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه قالوا: إن اللّه حرمها على الكافرين، فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر جهنم.
قال: بعض المفسرين: هو معنى قول اللّه عز وجل: (كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ).
وفي الكشاف وأنوار التنزيل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما:
إن لهم ست دعوات إذا دخلوا النار:
1- يقولون ألف سنة: (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً).
فيجابون: (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي).
2- فيقولون ألفاً: (قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ).فيجابون: (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ).
3- فيقولون ألفاً: (يَمَلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ).
فيجابون: (إِنَّكُم مَّاكِثُونَ).
4- فيقولون ألفاً: (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ).فيجابون: (أَوَ لَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبلُ مَالَكُم مِّن زَوَالٍ).
5- فيقولون ألفاً: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً).فيجابون: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ).
6- فيقولون ألفاً: (رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا).
فيجابون: (اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ).
ثم لا يكون لهم فيها إلا زفير وشهيق وعواء.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي به مناد يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم ينادي مناد يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح بين الجنة والنار ثم يقول يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون وأشار بيده إلى الدنيا
(رواه البخاري ومسلم والنسائي)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقالوا ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار وفي رواية فقالوا أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه أبدا قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة . (رواه البخاري ومسلم)
وقال حاتم الأصم:
* لا تغتر بموضع صالح فلا مكان أصلح من الجنة ، فلقي آدم فيها ما لقي.
* ولا تغتر بكثرة العبادة فإن إبليس بعد طول تعبده لقي ما لقي.
* ولا تغتر بكثرة العلم فإن بلعام كان يحسن اسم اللّه الأعظم، فانظر ماذا لقي.
* ولا تغتر برؤية الصالحين فلا شخص أكبر من المصطفى فلم ينتفع بلقائه أقاربه وأعداؤه.
وعن أبي بكر الوراق رحمه اللّه، أنه قال:
أكثر ما ينزع الإِيمان من العبد عند الموت، فنظرنا في الذنوب فلم نجد أنزع للإِيمان من ظلم العباد.
وذكر عن الحسن :
أن آخر من يخرج من النار يقال له هناد عذب ألف عام ينادي: يا حنان، يا منان، فبكى الحسن وقال: يا ليتني كنت هناداً، فتعجبوا منه، فقال: ويحكم أليس يوماً يخرج .
وقال يحيى بن معاذ:
لا تدري أي المصيبتين أعظم، أفوت الجنان، أم دخول النيران، أما الجنة فلا صبر عنها وأما النار فلا صبر عليها وعلى كل حال، فوت النعيم أيسر من مقاساة الجحيم ، ثم الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى هي في الخلود إذ أي قلب يحتمله وأي نفس تصبر عليه.
---------------------------------------------------