</A>أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه وإن من تقوى الله السماحة واللطف في معاملة الخلق والبذل والعطاء لذوي الحاجات منهم نكسب بذلك ود قلوبهم وقرب نفوسهم ونؤلف بين صفوفنا ونوحد بينها ونمد الجسور ونربط الصفوف ونعيد اللحمة ونرسم البسمة ونغرس السعادة بأمور هي من صلب ديننا ليست شريعتنا مقتصرة على الإيمان ولا على كثرة العبادات بل جاءت بكل جوانب السعادة في هذه الحياة وجاءت بأدق التفاصيل فتصور كيف جاءت التفاصيل "لا يتنادى اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه" لا تتكلم أنت وثان والثالث إلى جواركما فيحزنه ذلك هل رأيتم رفعة في مراعاة المشاعر أعظم من هذا هل رأيتم سمواً في المعاملة ومراعاة النفسيات أكثر من هذا وهذا في صلب ديننا بل يجعل الشراكة مبنية على حبنا في النفس وهذا المثل الذي سأضربه ولعلي أختم به مقياساً مهماً يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "الخازن المسلم الذي ينفذ أو قال أحسبه يعطي ما أمر به طيباً به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين" رواه البخاري إذا كنت صاحب مال وأمرت المحاسب أن يعطي فلاناً ففرح ذلك وبش في وجهه وأعطاه الذي أمرت به ونفسه طيبة راضية فهو شريك في الأجر وهو أحد المتصدقين لماذا؟ لأنه أكمل المهمة فقدمها وبعض الناس والعياذ بالله مغلاق لكل خير مفتاح لكل شر قد يسلم ذلك ولكن يقول لا أعلم لما أعطاك وفي كل مرة يعطيك وغيرك خير منك وأحق فيفسد والعياذ بالله عطية المعطي وبعض الناس حتى وإن كان العطاء من غيره تذيق نفسه لأن نفسه ليست متعودة ولا متربية على هذا العطاء انظروا إلى هذه الحساسيات الشفافية الراقية التي يصف فيها الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم تلك الأفعال الدقيقة والمشاعر الرقيقة ليعلمنا كيف نحسن ذلك وكيف ننتبه إلى ذلك وكيف نؤدي سلوكنا في الحياة على النهج القرآن والنهج النبوي ربما عاودني هذا الحديث مرة أخرى لأن المشكلات تلمسونها وقد يلمسها بعض من يتصدون للناس كالإمامة والخطابة مرت بي حوادث في اليومين الماضية كالشحناء وصراع بعضها زوجية في داخل البيوت وبعضها إشكاليات بين الناس في الحسابات والأموال وبعضها أناس ربما هم بيننا دخلوا في أمور وسجنوا ولم يشعر بهم أحد ولم يتفقدهم أحد كم نحن بحاجة إلى أن نراجع أنفسنا وإلا ستصبح حياتنا جحيم لا يطاق ناراً دائمة السخونة ليس فيها ظلال وارفة ولا نسمات عليلة قد نصبح من بعد حين كأننا نحن كحال غير المسلمين الذين محور حياتهم وحده هو الدنيا وما فيها من متع مالية وشهوانية وغيرها فلا يذوقون إلا لذة عابرة ولا تخلص إلى نفوسهم سعادة غامرة من أراد المحبة القلبية والسعادة النفسية فليلج بها على غيره فستأتيه طواعية وستسكن نفسه وتطمئن في قلبه.</A></A>