الدرس التاسع :
تسبيح المخلوقات لله وملكية الله للوجود:
بعد
مشهد الكفر والضلال والظلام في عالم الناس , يتبعه مشهد الإيمان والهدى
والنور في الكون الفسيح . مشهد يتمثل فيه الوجود كله , بمن فيه وما فيه ,
شاخصا يسبح لله:إنسه وجنه , أملاكه وأفلاكه , أحياؤه وجماده . . وإذا
الوجود كله تتجاوب بالتسبيح أرجاؤه , في مشهد يرتعش له الوجدان حين يتملاه:
في
قوله تعالي : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ
صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ
(42) }. إن الإنسان ليس مفردا في هذا الكون الفسيح ; فإن من حوله , وعن
يمينه وعن شماله , ومن فوقه ومن تحته ; وحيثما امتد به النظر أو طاف به
الخيال . . إخوان له من خلق الله , لهم طبائع شتى , وصور شتى , وأشكال شتى .
ولكنهم بعد ذلك كله يلتقون في الله , ويتوجهون إليه , ويسبحون بحمده:
(والله عليم بما يفعلون). . فلا اتجاه إلا إليه , ولا ملجأ من دونه , ولا
مفر من لقائه , ولا عاصم من عقابه , وإلى الله المصير .